للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبعد من القياس والأمل عند العقل البشريّ من ظهور الإسلام في العرب، فقد كان حادثا لم يكن يتوقّع حدوثه.

إنّنا مضطرّون إلى أن نسلّم أنّ علم التاريخ- إذا كان هنالك شيء يستحقّ أن يسمّى علم التاريخ- يبقى حائرا مرتبكا في العثور على حلقات الأسباب والعلل التي يجب عليه البحث عنها (بحكم منصبه ووظيفته) لحدوث هذا الإنقلاب» «١» .

الحاجة إلى نبيّ مرسل:

كانت الأوضاع الفاسدة، والدرجة التي وصل إليها الإنسان في منتصف القرن المسيحيّ، أكبر من أن يقوم لإصلاحها مصلحون ومعلّمون من أفراد الناس، فلم تكن القضية قضية إصلاح عقيدة من العقائد، أو إزالة عادة من العادات، أو قبول عبادة من العبادات، أو إصلاح مجتمع من المجتمعات، فقد كان يكفي له المصلحون والمعلّمون الذين لم يخل منهم عصر ولا مصر.

ولكنّ القضية كانت قضية إزالة أنقاض جاهلية، ووثنية تخريبية، تراكمت عبر القرون والأجيال، ودفنت تحتها تعاليم الأنبياء والمرسلين، وجهود المصلحين والمعلّمين، وإقامة بناء شامخ مشيّد البنيان، واسع الأرجاء، يسع العالم كلّه، ويؤوي الأمم كلّها.

قضية إنشاء إنسان جديد، يختلف عن الإنسان القديم في كلّ شيء، كأنّه ولد من جديد، أو عاش من جديد أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها [الأنعام: ١٢٢] .

قضية اقتلاع جرثومة الفساد، واستئصال شأفة الوثنية، واجتثاثها من


Bosworth Smith:Mohammad and Mohammedanism ,Lodon ,٦٧٨١. (١)

<<  <   >  >>