للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بيعة العقبة الأولى:]

حتّى إذا كان العام المقبل، وافى الموسم من الأنصار، اثنا عشر رجلا (عشرة من الخزرج واثنان من الأوس) ، فلقوه بالعقبة الأولى، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على التوحيد، والتعفّف من السّرقة والزّنى وقتل الأولاد والطاعة في المعروف «١» .

فلمّا همّ القوم بالانصراف بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير، وأمره أن يقرئهم القرآن، ويعلّمهم الإسلام، ويفقّههم في الدين، فكان يسمّى «المقرىء» بالمدينة ونزل على أسعد بن زرارة، وكان يصلّي بهم «٢» .

سبب تهيّؤ الأنصار للإسلام:

وكان من صنع الله تعالى لرسوله وللإسلام، أن هيأ الله الأوس والخزرج «٣» - وهما قبيلتان عربيّتان عظيمتان في مدينة يثرب- لتقدرا هذه النعمة التي لا نعمة أعظم منها، وتسبقا أهل عصرهما، وأبناء الجزيرة، إلى الترحيب بالإسلام والدخول فيه، حين تنكّرت له قبائل العرب وفي مقدّمتها وعلى رأسها قريش وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة: ٢١٣] .

وقد ساعدت على ذلك عدّة عوامل، هي من خلق الله تعالى وتيسيره


(١) [انظر حديث عبادة بن الصامت عن «بيعة العقبة الأولى» أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار، باب وفود الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم ... برقم (٣٨٩٣) ، ومسلم في كتاب الحدود، باب الحدود كفارات لأهلها، برقم (١٧٠٩) ، وأحمد في المسند (٥/ ٣٢٣) ] .
(٢) سيرة ابن هشام: ج ١، ص ٤٣١- ٤٣٤ ملخصا.
(٣) الأوس والخزرج من الأزد، الذين ينتمون إلى شعب قحطان، وقد عطف ثعلبة بن عمرو جدّهم نحو الحجاز بعد خراب سد مأرب سنة ١٢٠ ق، م، ثم سار نحو المدينة، كما سيأتي.

<<  <   >  >>