للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: ١٧٢- ١٧٥] .

وقد استشهد من المسلمين يوم أحد سبعون، أكثرهم من الأنصار، رضي الله عنهم، وقتل من المشركين اثنان وعشرون رجلا «١» .

[تربية نفوس المسلمين:]

وقد كان ما وقع في أحد من محنة للمسلمين، تمحيصا وتربية لهم، فلا ثقة بجماعة عاشت على سرور انتصار، ونشوة الفتح، وحلاوة الظفر، ولم تذق مرارة المصائب والخسائر، فإنّها إذا أصيبت بذلك في يوم من الأيام، عزّ ذلك عليها واضطرب إيمانها، ولذلك يقول الله تعالى:

فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [آل عمران: ١٥٣] .

وقد هيّأ الله نفوس المسلمين في هذه المعركة، لتتلقّى نبأ وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهادته، وإن تأخّر ذلك، والثبات على العقيدة، والدعوة إليها والجهاد في سبيلها والوفاء لها في حياته، وبعد حياته، فلا يجبنون ولا يتخاذلون، ولا يهنون ولا يستكينون، فقال: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [آل عمران: ١٤٤] .


(١) سيرة ابن هشام: ج ٢، ص ١٠١- ١٠٢.

<<  <   >  >>