المراهقة، فذهب إليه عمّه المطلب، فجاء به إلى مكة، وكانت الأرحام يحسب لها حساب كبير في حياة العرب الاجتماعيّة، ومنهم أبو أيوب الأنصاريّ الذي نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في داره في المدينة.
وكان الأوس والخزرج من قحطان، والمهاجرون، ومن سبق إلى الإسلام في مكة وما حولها من عدنان، ولمّا هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وقام الأنصار بنصره، اجتمعت بذلك عدنان وقحطان تحت لواء الإسلام، وكانوا كجسد واحد، وكانت بينهما مفاضلة ومسابقة في الجاهليّة، وبذلك لم يجد الشيطان سبيلا إلى قلوبهم، لإثارة الفتنة والتعزّي بعزاء الجاهلية باسم الحميّة القحطانيّة أو العدنانية.
فكانت مدينة (يثرب) - لكلّ ذلك- أصلح مكان لهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه واتخاذهم لها دارا وقرارا، حتى يقوى الإسلام، ويشقّ طريقه إلى الأمام، ويفتح الجزيرة ثمّ يفتح العالم المتمدّن.
[انتشار الإسلام في المدينة:]
وجعل الإسلام يفشو في منازل الأنصار- الأوس والخزرج- وأسلم سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وهما سيّدا قومهما، من بني عبد الأشهل من الأوس، بحكمة من أسلم قبلهما، وتلطفهم، وبحسن دعوة مصعب بن عمير- رضي الله عنه- وأسلم بنو عبد الأشهل عن آخرهم، ولم تبق دار من دور الأنصار إلّا وفيها رجال ونساء مسلمون «١» .
[بيعة العقبة الثانية:]
ورجع مصعب بن عمير إلى مكة في العام القابل، وخرج عدد من