للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجهل والأميّة، والحروب الدامية، وكانت بعيدة عن جادّة قافلة الحضارة الإنسانية، والعلوم والآداب، لا شأن للعالم بها ولا شأن لها بالعالم.

كانت أجسامهم قذرة، ورؤوسهم مملوءة بالأوهام «١» ، وكانوا يزهدون في النظافة واستعمال الماء، ويغالي الرهبان منهم في تعذيب الأجسام، والفرار من الإنسان «٢» ، وكانوا يبحثون في أنّ المرأة حيوان أم إنسان، ولها روح خالدة أم ليست لها روح خالدة، وأنّ لها حقّ الملكيّة، والبيع، والشراء، أم ليس لها شيء في ذلك؟

يقول روبرت بريفولت» ) Robert Briffault (: لقد أطبق على أوربة ليل حالك من القرن الخامس إلى القرن العاشر، وكان هذا الليل يزداد ظلاما وسوادا، وقد كانت همجيّة ذلك العهد أشدّ هولا، وأفظع من همجية العهد القديم، لأنّها كانت أشبه بجثّة حضارة كبيرة قد تعفّنت، وقد انطمست معالم هذه الحضارة، وقضي عليها بالزوال، وقد كانت الأقطار الكبيرة التي ازدهرت فيها هذه الحضارة وبلغت أوجها في الماضي، كإيطاليا، وفرنسا، فريسة الدّمار والفوضى والخراب» «٣» .

٥- الجزيرة العربية في العصر الجاهلي:

أمّا العرب فساءت أخلاقهم، فأولعوا بالخمر والقمار، وبلغت بهم القساوة والحميّة المزعومة إلى وأد البنات، وشاعت فيهم الغارات، وقطع الطّرق على القوافل، وسقطت منزلة المرأة، فكانت تورث كما يورث المتاع


(١) تاريخ الفلسفة: للبروفيسورثيلي.) Thilly (
(٢) اقرأ للتفصيل كتاب «تاريخ الأخلاق الأوربية» لمؤلفه الشهير) Lecky (ج ٢، باب «من قسطنطين إلى شارلمان» .
The Making of Humanity ,p. ٤٦١. (٣)

<<  <   >  >>