للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو الدابّة، ومن المأكولات ما هو خاصّ بالذكور، محرّم على الإناث، وكان يسوغ للرجل أن يتزوّج ما يشاء من النّساء من غير تحديد.

وكانت العصبية القبليّة والدمويّة شديدة جامحة، وأغرموا بالحرب، حتى صارت مسلاة لهم وملهى وهواية، ينتهزون للتسلية وقضاء هوى النّفس نشوب حرب لها مسوّغ، أو لا مسوّغ لها، يدلّ على ذلك ما قاله الشاعر الجاهليّ (الرقّاد بن المنذر بن ضرار الضبّي) :

إذا المهرة الشّقراء أدرك ظهرها ... فشبّ الإله الحرب بين القبائل

وأوقد نارا بينهم بضرامها ... لها وهج للمصطلي غير طائل «١»

ويقول (عمير التّغلبيّ) المعروف بالقطامي، وهو يعبّر عن رغبة أهل الجاهلية في القتال، وتحيّن الفرص له:

وأحيانا على بكر أخينا ... إذا ما لم نجد إلّا أخانا «٢»

وهانت عليهم إراقة الدّماء، فتثيرها حادثة تافهة، وتدوم الحرب أربعين سنة، يقتل فيها ألوف من الناس «٣» .

أمّا من جهة الأخلاق، فكانت فيهم أدواء وأمراض متأصّلة، وأسبابها فاشية.

فكان شرب الخمر واسع الشّيوع، شديد الرّسوخ فيهم، تحدّث عن معاقرتهم والاجتماع على شربها الشعراء، وشغلت جانبا كبيرا من شعرهم وتاريخهم وأدبهم، وكثرت أسماؤها وصفاتها في لغتهم، وكثر فيها التدقيق


(١) ديوان الحماسة: بشرح الأعلم: ص ٢٧١.
(٢) المصدر السابق: ص ٣٧٧.
(٣) راجع الشعر الجاهلي والكتب التي ألفت في أيام العرب وأخبارهم.

<<  <   >  >>