للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ابتلاء المسلمين في الصلح والعودة إلى المدينة:]

فلمّا رأى المسلمون ما رأوه من الصلح والرجوع، وما تحمّل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه، دخل على الناس من ذلك أمر عظيم، حتّى كادوا يهلكون، ووقع ذلك من نفوسهم كلّ موقع، حتّى جاء عمر بن الخطّاب إلى أبي بكر- رضي الله عنهما- فقال: ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدّثنا أنّا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى! أفأخبرك أنّك تأتيه العام؟ قال: لا، قال:

فإنّك آتيه ومطوف به «١» .

فلمّا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلح، قام إلى هديه، فنحره، ثمّ جلس فحلق رأسه، وعظم ذلك على المسلمين، لأنّهم خرجوا وهم لا يشكّون في دخول مكة والعمرة، ولكن لمّا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نحر وحلق، تواثبوا ينحرون ويحلقون «٢» .

[صلح مهين أم فتح مبين؟]

ثمّ رجع إلى المدينة، وفي مرجعه أنزل الله تعالى:

إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً [الفتح: ١- ٣] .

قال عمر- رضي الله عنه-: أو فتح هو يا رسول الله؟


(١) أخرجه البخاري في الجامع الصحيح، [في كتاب الجزية والموادعة، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب، برم (٣١٨٢) ، ومسلم في كتاب الجهاد، باب صلح الحديبية، برقم (١٧٨٥) ، وأحمد (٣/ ٤٨٦) من حديث سهل بن حنيف] .
(٢) راجع للتفصيل «زاد المعاد» ج ١، ص ٣٨٣.

<<  <   >  >>