للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التربية الإلهية:]

وشبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم محفوظا من الله تعالى، بعيدا عن أقذار الجاهليّة وعاداتها، فكان أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقا، وأشدّهم حياء، وأصدقهم حديثا، وأعظمهم أمانة، وأبعدهم عن الفحش والبذاءة، حتى ما أسموه في قومه إلّا «الأمين» «١» .

يعصمه الله تعالى من أن يتورّط فيما لا يليق بشأنه، من عادات الجاهلية، وما لا يرون به بأسا، ولا يرفعون له رأسا، وكان واصلا للرّحم، حاملا لما يثقل كواهل الناس، مكرما للضيوف، عونا على البرّ والتقوى «٢» ، وكان يأكل من نتيجة عمله، ويقنع بالقوت.

ولمّا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع أو خمس عشرة سنة، هاجت حرب الفجار بين قريش وبين قيس، وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أيامها، وكان ينبل «٣» على أعمامه وبذلك عرف الحرب، وعرف الفروسيّة والفتوّة «٤» .

ولمّا شبّ عن الطوق اتّجه إلى العمل، فرعى الأغنام، وفيه كسب


- وقد انتهى الباحثون الغربيون أخيرا- وهم مسيحيون عقيدة، وأحرار متنوّرون بحثا وتحقيقا إلى أنّ كلّ ما قيل عن تلقّي محمد صلى الله عليه وسلم ما جاء في القرآن، وما عرضه على الناس بصفته أنه وحي من الله، إنما كان تلقينا من القسوس والرهبان- قد تحقّق وثبت بطلانه، وأنه افتراض ومحاولة تشكيك فقط، ليس مبنيّا على بينة وثبوت تاريخيّ. ليرجع إلى) Palmer ,The) De.Bunran Intro Px VIII (وكذلك) De Bunsen ,Islam or True Christianity P. ١٣١ (
(١) سيرة ابن هشام: ج ١، ص ١٨٣.
(٢) اقرأ شهادة خديجة- رضي الله عنها- لرسول الله صلى الله عليه وسلم- حين رجع من «حراء» وخشي على نفسه، في الجامع الصحيح للبخاري في باب «كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
(٣) ينبل: يعني كان يرد عليهم نبل عدوهم إذا ما رماهم.
(٤) سيرة ابن هشام: ج ١، ص ١٨٦.

<<  <   >  >>