للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجهه، فرقّ لهم وقالوا له: يا أبا لبابة! أترى أن ننزل على حكم محمد؟

قال: نعم، وأشار بيده إلى حلقه أنّه الذبح.

قال أبو لبابة: فو الله ما زالت قدماي من مكانهما حتّى عرفت أنّي خنت الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثمّ انطلق أبو لبابة على وجهه، ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده، وقال: لا أبرح مكاني هذا حتّى يتوب الله عليّ ممّا صنعت، وعاهدت الله ألّا أطأ بني قريظة أبدا، ولا أرى في بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا.

ولمّا تاب الله عليه قال:

وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التوبة: ١٠٢] .

فثار النّاس إليه ليطلقوه، فقال: لا، والله، حتّى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده، ومرّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا إلى صلاة الصبح، فأطلقه وقد أقام مرتبطا بالجذع نحو عشرين ليلة، تأتيه امرأته في كلّ وقت صلاة، فتحلّه للصلاة، ثم يعود فيرتبط بالجذع «١» .

آن «٢» لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم:

ونزل بنو قريظة على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواثبت الأوس، وقالوا:

يا رسول الله! إنّهم موالينا دون الخزرج، وقد فعلت في موالي إخواننا «٣» بالأمس ما قد علمت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا ترضون يا معشر الأوس


(١) سيرة ابن هشام: ج ٢، ص ٢٣٦- ٢٣٨.
(٢) أنى: أي حان.
(٣) يعنون بني قينقاع.

<<  <   >  >>