للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حوادث خارقة للعادة، مسترعية للانتباه- ممن رزق قوة الاستنتاج والاعتبار-.

منها ارتجاس إيوان كسرى، وسقوط أربع عشرة شرفة من شرفاته، وغاضت بحيرة ساوا، وخمدت نيران فارس، التي كانوا يعبدونها ولم تخمد منذ ألف عام «١» .

[رضاعته صلى الله عليه وسلم:]

أرضعته ثويبة جارية عمّه أبي لهب بضعة أيّام «٢» ، ثمّ التمس عبد المطّلب


(١) رواه البيهقي «في دلائل النبوة» (ج/ ١، ص/ ١٢٦- ١٢٠) وابن جرير، وابن عساكر كلّهم من حديث مخزوم بن هاني عن أبيه. وذكره أكثر أصحاب السير، ورواه الحافظ المؤرّخ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) ، وذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري بتوسّع في الرواية، وما كان له من ردّ فعل على كسرى إمبراطور إيران، وما دار حوله من حديث انطباعات في مجلسه، وأورده الإمام أبو الفداء إسماعيل بن كثير (ت ٧٤٧ هـ) في كتابه: «السيرة النبوية» (ج ١، ص ٢١٥، والعلامة علي بن برهان الدين الحلبي (ت ١٠٤٤ هـ) في كتابه: «إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون» الشهير بالسيرة الحلبية، (الجزء الأول) . وقد قرّر ذلك وحكم بصحة الروايات العلامة محمد أبو زهرة في كتابه: «خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم» (ج ١، ص ١٥٠) . وقد ذكر هذه الروايات المؤّرخ الإنجليزي) T.P.Hughes (في كتاب:) Dictionary of Islam (نقلا من المصادر الإسلامية، من غير تعليق عليها أو تشكيك فيها (طبع لندن: ص/ ٢٦٨) . وفي الحقيقة أنّ ما ذكر من بدء أمارات تنبىء باستئناف العالم لدور جديد، وخضوع مظاهر العظمة والشوكة المصطنعة، لفجر من الهداية والسعادة والحق، قد بدت طلائعه على العالم المتمدّن المعمور، إشارة لطيفة للمتبصرين، وإلا فقد كانت الولادة الكريمة- التي تليها البعثة المحمدية- أعظم وأضخم، وأوسع وأعمق، من أن تدلّ عليه هذه الإمارات الحسية وتنبىء باستئناف العالم والبشرية لدور جديد من البعثة الإنسانية، عقائديا وعمليا، وأخلاقا، وجهودا، وهداية وتوجيها، لا تسعها ولا تؤدّي حقها هذه الأمارات المشاهدة الإقليمية المحدودة: وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الفتح، الآية: ٧] .
(٢) [أخرج البخاريّ حديث إرضاع ثويبة للنبي صلى الله عليه وسلم في كتاب النكاح، باب وَأُمَّهاتُكُمُ-

<<  <   >  >>