للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم» «١» .

[آخر نظرة إلى المسلمين وهم صفوف في الصلاة:]

وكان أبو بكر يصلّي بالمسلمين، حتّى إذا كان يوم الإثنين، وهم صفوف في صلاة الفجر، كشف النّبيّ صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة، ينظر إلى المسلمين، وهم وقوف أمام ربّهم، ورأى كيف أثمر غرس دعوته وجهاده، وكيف نشأت أمّة تحافظ على الصلاة، وتواظب عليها بحضرة نبيّها وغيبته، وقد قرّت عينه بهذا المنظر البهيج، وبهذا النجاح الذي لم يقدّر لنبيّ أو داع قبله، واطمأنّ إلى أنّ صلة هذه الأمّة بهذا الدين وعبادة الله تعالى، صلة دائمة، لا تقطعها وفاة نبيّها، فملىء من السرور ما الله به عليم، واستنار وجهه وهو منير، يقول الصحابة- رضي الله عنهم-:

كشف النّبيّ صلى الله عليه وسلم ستر حجرة عائشة، ينظر إلينا وهو قائم، كأنّ وجهه ورقة مصحف، ثمّ تبسّم يضحك، فهممنا أن نفتتن من الفرح، وظننّا أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خارج إلى الصلاة، فأشار إلينا أن أتمّوا صلاتكم، وأرخى الستر وتوفّي من يومه صلى الله عليه وسلم «٢» .


- كرشه، والرجل يضع ثيابه في عيبته. وقيل أيضا: أراد بالكرش الجماعة، أي: جماعتي وصحابتي. ويقال: عليه كرش من الناس: أي جماعة (النهاية: ٤/ ١٦٣- ١٦٤) ] .
(١) صحيح البخاري (فضائل أصحاب النّبي صلى الله عليه وسلم، باب قول النّبي صلى الله عليه وسلم: «اقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم» ) [برقم (٩٢٧) و (٣٦٢٨) و (٣٨٠٠) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما] .
(٢) أخرجه البخاري [في كتاب المغازي] باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، [برقم (٦٨٠) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب استخلاف الإمام ... ، برقم (٤١٩) ، وابن ماجه في أبواب الجنائز، باب ما جاء في ذكر مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (١٦٢٤) ] .

<<  <   >  >>