للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طلع البدر علينا ... من ثنيّات الوداع

وجب الشّكر علينا ... ما دعا لله داع

أيّها المبعوث فينا ... جئت بالأمر المطاع

يقول أنس بن مالك الأنصاريّ- وهو غلام يومئذ-: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم دخل المدينة، فما رأيت يوما قطّ، كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل المدينة علينا «١» .

[مسجد قباء وأول جمعة في المدينة:]

وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ب «قباء» أربعة أيام، وأسّس مسجدا هناك، وخرج يوم الجمعة، وأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف، فصلّاها في مسجدهم، فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة «٢» .


- إلى المدينة، فإن روح الفرح والحماس التي تسيطر على هذه الأبيات تنطق بأنها قيلت وأنشدت عند الطلعة الأولى. وقد تعدّدت الثنيات في المدينة، فلا مانع من أن يكون القادم من مكة يمر بثنية الوداع الواقعة في مدخل المدينة، فكان المدرج الذي ينزل منه إلى بئر عروة بالجنوب الغربي بالمدينة يسمى بثنية الوداع أيضا. يقول الشيخ عبد القدوس الأنصاري في كتاب «آثار المدينة المنورة» (ص ١٦٠) : «وكما أنّ أهل المدينة كانوا يودّعون المسافر إلى جهة مكة من الثنية الواقعة بطريق مكة، ويحق لكل من الثنيتين بهذا النظر أن تسمّى ثنية الوداع لقيام معنى الثنية الذي هو الطريق في الجبل والوداع بكل منهما ولاشتراكهما فيه، فكلتاهما مركز لتوديع المسافرين ويقول: «ويوافقنا العباسي في تاريخه للمدينة على هذا الرأي، وهي ثنية الوداع التي تشرف على وادي العقيق، وتحيط به الحرة من كل جانب» .
(١) أخرجه الدارمي [١/ ٤١، وأحمد (٣/ ١٢٢) ، والحاكم (٣/ ١٢) عن أنس رضي الله عنه بسند صحيح] .
(٢) ابن هشام: ج ١، ص: ٤٩٤ [وأخرجه الطبراني، وقال الهيثمي في المجمع (٦/ ٦٢- ٦٣) : رواه الطبرانيّ ورجاله ثقات] .

<<  <   >  >>