بمقربة من قارّة إفريقية، ثم قارّة أوربة، وكلّ منها مركز الحضارات، والثقافات، والدّيانات، والحكومات القويّة الواسعة، وتمرّ بها القوافل التجارية، التي تصل بين بلاد مختلفة، وقد تصل بين قارّات تحمل من بلد ما يستطرف وينتج فيه إلى بلد يفتقر إليه.
وتقع هذه الجزيرة بين قوّتين متنافستين: قوة المسيحيّة وقوّة المجوسية، وقوّة الغرب وقوّة الشرق، وقد ظلّت رغم ذلك كلّه محتفظة بحريّتها وشخصيّتها، ولم تخضع لإحدى الدّولتين إلا في بعض أطرافها، وفي قليل من قبائلها، وكانت في خير موقف لتكون مركزا لدعوة إنسانيّة عالمية، تقوم على الصعيد العالميّ وتتحدّث من مستوى عال، بعيدة عن كلّ نفوذ سياسيّ، وتأثير أجنبيّ.
لذلك كلّه اختار الله الجزيرة العربية، ومكة المكرّمة، لتكون مبعث الرسول ومهبط الوحي، ونقطة انطلاق للإسلام في العالم.
وبالرّغم من هذه المواهب التي أكرم الله بها العرب، والمزايا التي امتازت
- في حديث صحفي نشر في القاهرة؛ أنه توصل إلى ما يشبه النظرية الجغرافية التي تؤكد أن مكة المكرمة هي مركز اليابسة في الكرة الأرضية، أي مركز الأرض، وقد بدأ بحثه برسم خريطة تحسب أبعاد كل الأماكن على الأرض عن مدينة مكة المكرمة- وذلك لتصميم جهاز عملي رخيص يساعد على تحديد القبلة- وفجأة اكتشف على الخريطة أن مكة المكرمة تقع في وسط العالم. ومن خلال بحثه هذا توصّل إلى معرفة الحكمة الإلهية في اختيار مكة المكرمة لتكون مقرا لبيت الله الحرام، ومنطلقا للرسالة السماوية. ( «الأهرام» ١٥/ ١/ ١٣٩٧ هـ الموافق ٥/ ١/ ١٩٧٧ م العدد ٣٢٨٩٨ السنة ١٠٣) .