للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وممّا لا شكّ فيه أنّ غزوة خيبر كانت ذات شأن عظيم في تاريخ الفتوح الإسلاميّة، إذ كانت قبائل الحجاز تراقب نتيجتها باهتمام وتنظم شؤونها على حسب ما كان يتراءى لها من نتيجة صليل السّيوف بين الأنصار واليهود، وقد كان أعداء الرسول الكثيرون في بادية العرب وحاضرتها يعلّقون آمالا كبيرة على تلك الغزوة» «١» .

والأمر في غزوة خيبر (كما لاحظه الدكتور حسين مؤنس) لم يكن يقتصر على القضاء على مركز المقاومة اليهوديّ، بل يتخطّى ذلك إلى ما لا يقلّ أهمية عن ذلك، وهو القضاء على مقاومة أكبر القبائل العربية الضاربة فيما بين الحجاز ونجد في الشمال وسط الجزيرة وهي غطفان، ولم يكن من ذلك مفرّ قبل أن يتّجه النّبيّ صلى الله عليه وسلم بقواته كلّها نحو مكّة للفراغ من أمرها «٢» .

[فتوح ومغانم:]

وبعد ما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر خيبر، انصرف إلى فدك «٣» ، وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصالحونه على النصف من فدك، فقبل ذلك منهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسّمه حيث يرى من مصالحه ومصالح المسلمين «٤» .

ثمّ جاء إلى وادي القرى «٥» ، وهي مجموعة قرى بين «خيبر»


(١) تاريخ اليهود في بلاد العرب: ص ١٦٢.
(٢) من بحث الدكتور حسين مؤنس قدمه إلى مؤتمر السيرة والسنة النبوية المنعقد في الدوحة في شهر محرم عام ١٤٠٠ هـ.
(٣) كانت فدك حكومة مستقلة كسائر الواحات والقرى في أعالي الحجاز، أهلها من اليهود وبها قوم من بني مرة، وقوم من بني سعد بن بكر. (نهاية الأرب، ١٧/ ٣٠٩) .
(٤) سيرة ابن هشام: ج ٢، ص ٣٦٨.
(٥) وادي القرى: واد كثرت قراه، لذلك قيل له وادي القرى، وأهله عرب ويهود، وهو من المواضع المعروفة بالخصب في جزيرة العرب، وبه عيون وآبار.

<<  <   >  >>