للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته وصدعه بالحق، لا يردّه عنه شيء، ومضى أبو طالب يحدب عليه ويذود عنه.

فلمّا طال ذلك، مشى رجال من قريش إلى أبي طالب، فقالوا:

يا أبا طالب، إنّ ابن أخيك قد سبّ آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلّل آباءنا، فإمّا أن تكفّه عنّا وإمّا أن تخلي بيننا وبينه، فإنّك على مثل ما نحن عليه، من دين وعقيدة.

فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا، وردّهم ردّا جميلا، فانصرفوا عنه «١» .

بين رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأبي طالب:

وأكثرت قريش ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحضّ بعضهم بعضا عليه، ومشوا إلى أبي طالب مرة أخرى، فقالوا: يا أبا طالب! إنّ لك سنّا وشرفا ومنزلة فينا، وقد رجوناك أن تنهى ابن أخيك فلم تفعل، فإنّا والله لا نصبر أكثر مما صبرنا على شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا، فإمّا أن تكفّه عنّا وإمّا أن ننازله وإيّاك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين.

وعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم، ولم يطب نفسا بإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:

«يابن أخي! إنّ قومك قد جاؤوني، فقالوا لي كذا وكذا، فأبق عليّ وعلى نفسك، ولا تحمّلني من الأمر ما لا أطيق» .

[لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري:]

وظنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ أبا طالب قد اضطرب في أمره، وضعف عن نصرته والقيام معه، فقال:


(١) سيرة ابن هشام: ج ١: ص ٢٦٤- ٢٦٥ باختصار.

<<  <   >  >>