للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والآخر عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنهما- لصلاة الظهر، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخّر فأومأ إليه ألا يتأخّر، وأمرهما، فأجلساه إلى جنبه، فجعل أبو بكر يصلّي قائما، وهو يأتم بصلاة النبيّ صلى الله عليه وسلم، والناس بصلاة أبي بكر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد «١» .

وعن أمّ الفضل بنت الحارث، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالمرسلات عرفا، ثمّ ما صلّى لنا بعدها، حتّى قبضه الله «٢» .

[خطبة الوداع:]

وكان فيما تكلّم «٣» به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس على المنبر، عاصبا رأسه: «إنّ عبدا من عباد الله، خيّره الله بين الدّنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله» ، وفهم أبو بكر معنى هذه الكلمة، وعرف أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني


(١) [أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتمّ به، برقم (٦٨٧) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب استخلاف الإمام..، برقم (٤١٨) ، والنسائي في كتاب الإمامة، باب الائتمام بالإمام يصلّي قاعدا، برقم (٨٣٤) وغيرهم من حديث عائشة رضي الله عنها] .
(٢) أخرجه البخاري [في كتاب المغازي] باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، برقم (٤٤٢٩) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في الصبح، برقم (٤٦٢) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب قدر القراءة في المغرب، برقم (٨١٠) من حديث أم الفضل بنت الحارث رضي الله عنها] .
(٣) يدلّ التتبع للأحاديث أنها كانت الخطبة الأخيرة، وقد ذهب الحافظ ابن حجر إلى أنها كانت يوم الخميس قبل الوفاة بخمسة أيام، والمرجح أن هذه الصلاة كانت صلاة الظهر، وكل ما روي من خطب مختلفة في فضل أبي بكر رضي الله عنه، وسد الأبواب النافذة في المسجد إلا خوخة أبي بكر، وفضل الأنصار والوصية لهم، قطع من هذه الخطبة، رواها الصحابة مفردة، وكانت هذه الصلاة، الصلاة الأخيرة التي صلاها النّبي صلى الله عليه وسلم جماعة وهو إمام، ولم يحضر صلاة المسلمين في المسجد بعد هذه الصلاة، وبذلك تجمع الأقوال والروايات المختلفة (مستفاد من «أصح السير» للشيخ عبد الرؤوف الدّانا بوري رحمه الله) .

<<  <   >  >>