للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ب «تبوك» بضع عشرة ليلة، ثمّ انصرف قافلا إلى المدينة «١» .

[في جنازة مسلم مسكين:]

ومات عبد الله ذو البجادين في «تبوك» ، وكان ينازع إلى الإسلام فيمنعه قومه من ذلك، ويضيّقون عليه، حتّى تركوه في بجاد «٢» ليس عليه غيره، فهرب منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمّا كان قريبا منه، شقّ بجاده باثنين، فاتّزر بواحد، واشتمل عليه، ثمّ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له: «ذو البجادين» ، ولمّا مات في تبوك شيّعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر في ظلام الليل، وفي يد بعضهم مشعل، يسيرون في ضوئه، وقد حفروا له، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته، وأبو بكر وعمر يدلّيانه إليه، وهو يقول: «أدنيا إليّ أخاكما» فدلّياه إليه، فلمّا هيّأه لشقه، قال: «اللهم! إنّي أمسيت راضيا عنه، فارض عنه» ، قال عبد الله بن مسعود: يا ليتني كنت صاحب الحفرة «٣» .

[ابتلاء كعب بن مالك ونجاحه فيه:]

وكان من بين من تخلّف عن هذه الغزوة من غير شكّ ولا ارتياب، كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أميّة، وكانوا من السابقين الأولين، ولهم حسن بلاء في الإسلام، وكان مرارة بن الربيع، وهلال بن أميّة ممن شهد بدرا، ولم يكن التخلف عن الغزوات من خلقهم وعادتهم،


(١) المصدر السابق: ج ٢، ص ٥٢٧.
(٢) [البجاد، وجمعه البجد: هو الكساء الغليظ، ومنه تسمية رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عبد نهم ذا البجادين، لأنّه حين أراد المصير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعت أمّه بجادا لها قطعتين فارتدى بإحداهما وائتزر بالآخرى (النهاية: ١/ ٩٦) ] .
(٣) سيرة ابن هشام: ج ٢، ص ٥٢٧- ٥٢٨.

<<  <   >  >>