وقدم وفد هوازن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أربعة عشر رجلا، فسألوه أن يمنّ عليهم بالسبي والأموال، فقال:«إنّ معي من ترون، وإنّ أحبّ الحديث إليّ أصدقه، فأبناؤكم ونساؤكم أحبّ إليكم أم أموالكم؟» .
قالوا: ما كنّا نعدل بالأبناء والنساء شيئا، فقال صلى الله عليه وسلم:«إذا صلّيت الغداة فقوموا وقولوا: إنا نستشفع برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المؤمنين، ونستشفع بالمؤمنين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يردّ علينا سبينا» فلمّا صلّى الغداة، قاموا، فقالوا ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أمّا ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، وسأسأل لكم الناس» فقال المهاجرون والأنصار: ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأبى ثلاثة من بني تميم، وبني فزارة، وبني سليم، أن يتنازلوا عن سبيهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنّ هؤلاء القوم قد جاؤوا مسلمين، وقد كنت استأنيت بهم، وقد خيّرتهم، فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيئا، فمن كان عنده منهنّ شيء، فطابت نفسه بأن يردّه، فسبيل ذلك، ومن أحبّ أن يستمسك بحقّه، فليردّ عليهم، وله بكلّ فريضة ستّ فرائض، من أوّل ما يفيء الله علينا» .
فقال الناس: قد طيّبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«إنا لا نعرف من رضي منكم ممّن لم يرض، فارجعوا، حتّى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم» ، فردّوا
- لغات عالمية، لا أعرف فيها مثل هذه الخطبة، وإنها لمن دلائل نبوّته صلى الله عليه وسلم (الأستاذ الدكتور نور الدين عتر في كتابه «في ظلال الحديث النبوي..» ص ٣٣٦) ] .