للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجدون من القوت إلا ما يسدّ الرمق، وقد لا يجدونه.

يقول أبو طلحة: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع، ورفعنا عن بطوننا عن حجر حجر، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه حجرين «١» .

وكانوا مسرورين، يحمدون الله، ويرتجزون، ولا يشكون ولا يتعتّبون.

يقول أنس- رضي الله عنه-: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلمّا رأى ما بهم من النّصب والجوع، قال:

اللهمّ إنّ الأجر أجر الآخرة ... فارحم الأنصار والمهاجرة

فقالوا مجيبين له: [من الرجز]

نحن الذين بايعوا محمّدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا «٢»

قال: ويؤتون بملء كفّ من الشّعير، فيصنع لهم بإهالة «٣» سنخة «٤» «٥» .

نور الفتوح الإسلاميّة في ظلام الحصار والشدّة:

عرض للمسلمين في بعض الخندق صخرة عظيمة شديدة، لا تأخذ فيها


(١) أخرجه الترمذي [في أبواب الزهد، باب ما جاء في معيشة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (٢٣٧١) ] ، قال الطيبي: «عادة من اشتدّ جوعه وخمص بطنه أن يشد على بطنه حجرا، ليتقوّم به صلبه» . (مشكاة المصابيح مع هامشها؛ ج ٢، ص ٤٤٨) .
(٢) أخرجه البخاري في الصحيح عن أنس رضي الله عنه في كتاب المغازي، باب غزوة الخندق [برقم (٤٠٩٩) و (٤١٠٠) ] ، ورواه مسلم عن أنس نحوه [في كتاب الجهاد، باب غزوة الأحزاب، برقم (١٨٠٥) ] .
(٣) الإهالة: الودكة وكل ما يؤتدم به.
(٤) السنخة: المتغيرة الريح، الفاسدة الطعم.
(٥) سيرة ابن كثير: ج ٣، ص ١٨٤، نقلا عن البخاري [قد سبق تخريجه آنفا] .

<<  <   >  >>