وكانت مستقرّ عبادة (اللّات) وكان صنما يعبد ويحجّ إليه، وكانت تضارع في ذلك مكة التي كانت مستقرّ عبادة «هبل» صنم قريش الأكبر.
فلمّا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف، عمد إلى نفر من سادة ثقيف وأشرافهم، فجلس إليهم، ودعاهم إلى الله، فكان ردّهم شرّ ردّ، واستهزؤوا به صلى الله عليه وسلم وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم، يسبّونه ويصيحون به، ويرجمونه بالحجارة، فعمد إلى ظلّ نخلة، وهو مكروب، فجلس فيه، وكان ما لقي في الطائف أشدّ ما لقيه من المشركين، وقعد له أهل الطائف صفّين على طريقه، فلمّا مرّ جعلوا لا يرفع رجليه إلا رموها بالحجارة، حتى أدموه، وهما تسيل منهما الدّماء، وفاض قلبه ولسانه بدعاء شكا فيه إلى الله ضعف قوته، وقلّة حيلته، وهوانه على الناس، واستعاذ بالله تعالى وبنصره وتأييده، فقال:
«اللهمّ إليك أشكو ضعف قوّتي، وقلّة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين! أنت ربّ المستضعفين، وأنت ربّي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهّمني «١» ؟ أم إلى عدوّ ملّكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي، غير أنّ عافيتك هي أوسع لي.
أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا