للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والآخرة، من أن تنزل بي غضبك، أو يحلّ عليّ سخطك، لك العتبى «١» حتى ترضى، ولا حول ولا قوّة إلا بالله» «٢» .

فأرسل الله إليه ملك الجبال، يستأذنه في أن يطبق الأخشبين «٣» ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل أرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا» «٤» .

ولمّا رآه عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وما لقي، تحرّكت لهما المروءة، فدعوا غلاما لهما نصرانيا يقال له «عدّاس» فقالا له: خذ قطفا من العنب، فضعه في هذا الطبق، ثم اذهب به إلى ذلك الرّجل، فقل له يأكل منه، ففعل «عداس» ، وأسلم بما سمعه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى من أخلاقه «٥» .

وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف إلى مكّة، وقومه أشدّ ما كانوا عليه من خلاف وعداء، وسخرية واستهزاء.


(١) [العتبى: الرّضا. يقال: يعاتب من ترجى عنده العتبى، أي: يرجى عند الرّجوع عن الذّنب والإساءة] .
(٢) [أخرج الطبرانيّ قصّة ذهابه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ودعائه، من حديث عبد الله بن جابر رضي الله عنه، كما في مجمع الزوائد (٦/ ٣٥) ] .
(٣) [الأخشبان: الجبلان المطيفان بمكّة، وهما أبو قبيس والأحمر، وهو جبل مشرف وجهه على قعيقعان، والأخشب: كلّ جبل خشن غليظ الحجارة (النهاية في غريب الحديث: ٢/ ٣٢) ] .
(٤) [أخرجه البخاريّ في كتاب بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء ... برقم (٣٢٣١) ] ، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبيّ صلى الله عليه وسلم من أذى المنافقين والمشركين [برقم (١٧٩٥) من حديث عائشة رضي الله عنها] .
(٥) سيرة ابن هشام: ج ١؛ ص ٤١٩- ٤٢٢، وسيرة ابن كثير: ج ٢، ص ١٤٩- ١٥٣، وزاد المعاد: ج ١، ص ٣٠٢ (مجموعا ملخصا) .

<<  <   >  >>