للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[إيثار النساء لرسول الله صلى الله عليه وسلم:]

عاد المسلمون إلى المدينة، فمرّوا بامرأة من بني دينار، وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا نعوا لها، قالت: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيرا يا أمّ فلان! هو بحمد الله كما تحبّين، قالت:

أرونيه حتّى أنظر إليه، حتّى إذا رأته قالت: كلّ مصيبة بعدك جلل «١» .

اتّباع المسلمين أثر العدوّ واستماتتهم في نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم:

وتلاوم المشركون، وقال بعضهم لبعض: لم تصنعوا شيئا، أصبتم شوكة القوم وحدّهم، ثمّ تركتموهم ولم تبتروهم «٢» .

فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بطلب العدوّ هذا، والمسلمون مثخنون بالجراح، فلمّا كان الغد من يوم الأحد، أذّن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النّاس بالخروج في طلب العدوّ، وأذّن ألا يخرجنّ معنا أحد إلا من حضر يومنا بالأمس، وما من المسلمين إلا جريح ثقيل، فخرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتخلف منهم أحد، وانتهوا إلى «حمراء الأسد» ، وهي من المدينة على ثمانية أميال، فأقام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون الإثنين، والثلاثاء، والأربعاء، ثمّ رجعوا إلى المدينة «٣» وقد أثنى الله تعالى على ذلك وخلّد ذكره، فقال:

الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢) الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً


- تفصيل وخلاف، راجع شروح الحديث وكتب الخلاف.
(١) سيرة ابن هشام: ج ٢، ص ٩٩ [وأخرجه البيهقي في «الدلائل» (٣/ ٣٠٢) ، والطبري في تاريخه (٢/ ٥٣٣) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه] .
(٢) [أي لم يقطعوهم مستأصلين] .
(٣) سيرة ابن كثير: ج ٣، ص ٩٧.

<<  <   >  >>