للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[في المدينة]

[كيف استقبلت المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟]

سمع الأنصار بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكّة، فكانوا يخرجون كلّ يوم إذا صلّوا الصبح إلى ظاهر المدينة، ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم فما يبرحون حتّى تغلبهم الشمس على الظّلال، فيدخلون بيوتهم، وكان الزمن زمن صيف وحرّ.

وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الناس البيوت، وكان اليهود يرون ما يصنع الأنصار، وكان أول من رآه رجل من اليهود، فصرخ بأعلى صوته، وأخبر الأنصار بقدوم رسول الله، فخرجوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظلّ نخلة، ومعه أبو بكر- رضي الله عنه- في مثل سنّه- وأكثرهم لم يكن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك، وازدحم الناس، ما يميّزون بينه وبين أبي بكر، وفطن لذلك أبو بكر، فقام يظلّه بردائه فانكشف للناس الأمر «١» .

واستقبلهما زهاء خمسمئة من الأنصار، حتى انتهوا إليهما فقالت الأنصار: انطلقا آمنين مطاعين.

أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بين أظهرهم، فخرج أهل المدينة حتّى إنّ العواتق لفوق البيوت يتراءينه يقلن: أيّهم هو؟ أيّهم هو؟، يقول أنس


(١) ابن هشام: ج ١، ص ٤٩٢ [حديث الهجرة: أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبيّ صلى الله عليه وسلم، برقم (٣٩٠٦) ] .

<<  <   >  >>