عبد مناف، وشرف في قومه شرفا لم يبلغه أحد من آبائه، وأحبّه قومه، وعظم خطره فيهم «١» .
[بنو هاشم:]
وكان بنو هاشم واسطة العقد في قريش، وإذا قرأنا ما حفظه التاريخ وكتب السيرة من أخبارهم وأقوالهم- وهو قليل من كثير جدا- استدللنا به على ما كان يمتاز به هؤلاء من مشاعر الإنسانية الكريمة، والاعتدال في كلّ شيء، ورجاحة العقل، وقوّة الإيمان بما للبيت من مكانة عند الله، والبعد عن الظلم، ومكابرة الحق، وعلوّ الهمّة، والعطف على الضعيف والمظلوم، والسخاء، والشجاعة.
وما تشتمل عليه كلمة «الفروسية» عند العرب، من معان كريمة، وخلال حميدة، تمثّل السيرة التي تليق بأجداد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وتتفق مع ما كان يفضّله ويدعو إليه، من مكارم الأخلاق، غير أنّهم عاشوا في زمن الفترة، وسايروا أبناء قومهم، في عقائد الجاهليّة وعباداتها.
[الوثنية في مكة: تاريخها ومصادرها:]
وبقيت قريش متمسّكة بدين إبراهيم الخليل وبدين جدّها إسماعيل، متمسّكة بالتوحيد، وبعبادة الله وحده، حتى كان عمرو بن عامر بن لحي الخزاعي، فكان أوّل من غيّر دين إسماعيل، فنصب الأوثان، وأحدث في الحيوانات من التعظيم والتسييب والتحريم ما لم يأذن به الله، ولم تعرفه شريعة إبراهيم، وكان قد خرج من مكّة إلى الشام، فرأى أهلها يعبدون