جذورها، بحيث لا يبقى لها عين ولا أثر، وترسيخ عقيدة التوحيد في أعماق النفس الإنسانية ترسيخا، لا يتصور فوقه، وغرس ميل إلى إرضاء الله وعبادته، وخدمة الإنسانية، والانتصار للحق، يتغلب على كلّ رغبة، ويقهر كلّ شهوة، ويجرف بكلّ مقاومة.
وبالجملة الأخذ بحجز الإنسانية المنتحرة التي استجمعت قواها للوثوب في جحيم الدنيا والآخرة، والسّلوك بها على طريق أولها سعادة يحظى بها العارفون المؤمنون، وآخرها جنّة الخلد التي وعد المتّقون، ولا تصوير أبلغ وأصدق من قول الله تعالى في معرض المنّ ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم.
إنّه لم يعرف في تاريخ البشريّة كلّه عمل أدقّ وأعقد، ومسؤولية أعظم وأضخم، من مسؤولية محمّد صلى الله عليه وسلم كنبيّ مرسل.
كما أنّه لم يعرف غرس أثمر مثل غرسه، وسعي تكلّل بالنجاح مثل سعيه، إنّها أعجوبة العجائب، ومعجزة المعجزات.
وقد شهد بذلك أديب وشاعر فرنسيّ في قوّة وبلاغة، ووضوح وصراحة، يقول «لامارتين:) Lamartine ( «١» : «
«إنّ إنسانا لم ينهض أبدا- متطوّعا أو غير متطوّع- لمثل هذا الهدف الأسمى، لأنّ هذا الهدف كان فوق طاقة البشر، لقد كان تحطيم تلك الحواجز من الأوهام والأحلام، التي حالت بين الإنسان وخالقه، والأخذ بيد الإنسان إلى عتبة ربّه، وتحقيق عقيدة التوحيد النقية العقلية المعقولة