هذه الدار، وما تدرّع جارية إذا بلغت إلّا في هذه الدار، يشقّ عليها فيها درعها (خمارها) ثم تتدرّعه، ثمّ ينطلق بها إلى أهلها.
وكان أمره في قومه في حياته ومن بعد موته كالدّين المتّبع لا يعمل بغيره، ولم يكن يدخل دار الندوة من غير بني قصيّ إلا ابن أربعين سنة، ويدخلها بنو قصيّ جميعا، وحلفاؤهم كبيرهم وصغيرهم. وكانت دار الندوة خاصّة بهاشم، وأمية، ومخزوم، وجمح، وسهم، وتيم، وعديّ، وأسد، ونوفل، وزهرة، وهؤلاء عشرة رهط من عشرة أبطن.
وانقسمت المناصب بعد موته، فكان في «بني هاشم» السّقاية، وفي «بني أمية» العقاب راية قريش، وفي «بني نوفل» الرفادة، وكان في «بني عبد الدار» اللواء والسّدانة مع الحجابة، وكان في «بني أسد» المشورة.
فلم يكن رؤساء قريش يتّفقون على أمر حتّى يعرضوه عليه، فإن وافقه ولّاهم عليه، وإلا تخيّر وكانوا له أعوانا.
وكانت المسؤوليات موزّعة بين رجال من قريش، أقرّت لهم بالفضل وحصافة الرأي.
فكانت إلى أبي بكر الصديق- وهو من بني تيم- الأشنان وهي الديّات والمغرم، فكان إذا احتمل شيئا، فسأل فيه قريشا صدّقوه وأمضوا حمالة من نهض معه، وإن احتمل غيره، خذلوه.
وكان إلى خالد بن الوليد- وهو من بني مخزوم- القبّة والأعنّة- أما القبّة فإنّهم كانوا يضربونها ثم يجمعون إليها ما يجهّزون به الجيش، وأمّا الأعنّة فإنه كان على خيل قريش في الحرب.
وكان إلى عمر بن الخطّاب- وهو من بني عدي- السفارة، وذلك أنّهم