للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روى هذه القصة من الصحابة، إنّما سمعها من غيره ولم يسمعه من النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد قال الترمذيّ بعد ما روى هذا الحديث: «حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه» ومن رواته عبد الرحمن بن غزوان، وقد تكلّم فيه أكثر أهل الصناعة، فقال العلامة الذهبيّ: كان يروي الأحاديث المنكرة، وأشدّها نكارة الرواية التي جاء فيها قصّة «بحيرى» .

وممّا يقدح في هذا الحديث أنّه قد جاء فيه أنّ أبا طالب أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بلال، قال العلامة ابن القيّم في «زاد المعاد» (١/ ١٨) : «ووقع في كتاب الترمذيّ وغيره أنّه بعث معه بلالا، وأنّه من الغلط الواضح، فإنّ بلالا إذ ذاك لعلّه لم يكن موجودا، وإن كان فلم يكن مع عمّه ولا مع أبي بكر» (انتهى كلام العلامة النعماني) «١» .

ونختم هذا النقد بما قاله الذهبيّ في قصّة «بحيرى» :

«وهو حديث منكر جدّا، وأين كان أبو بكر، كان ابن عشر سنين، فإنه أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين ونصف، وأين كان بلال في هذا الوقت؟ فإن أبا بكر لم يشتره إلا بعد المبعث ولم يكن ولد بعد، وأيضا فإذا كان عليه


- وصورته أن يقول التابعيّ- سواء كان صغيرا أو كبيرا-: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو فعل كذا، أو فعل بحضرته كذا، وهذه صورة المرسل عند المحدّثين، وقد اختلف العلماء في الاحتجاج به اختلافا كثيرا، من أراد التوسّع فيه فليرجع إلى كتاب «منهج النقد في علوم الحديث» لأستاذنا الدكتور نور الدين عتر، ص: ٣٧١- ٣٧٢، طبع دار الفكر بدمشق] .
(١) قال ابن سيد الناس المؤلّف المشهور في السيرة، بعد ما عدّل رواة هذا الحديث «ومع ذلك ففي متنه نكارة وهي إرسال أبي بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم بلالا، كيف وأبو بكر حينئذ لم يبلغ العشر سنين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أسنّ من أبي بكر ما يزيد من عامين، وكانت للنبي صلى الله عليه وسلم تسعة أعوام على ما قاله أبو جعفر محمد بن جرير الطبري وغيره وأيضا فإن بلالا لم ينتقل لأبي بكر إلا بعد ذلك بأكثر من ثلاثين عاما إلخ (عيون الأثر: ج ١، ص ٤٣) » .

<<  <   >  >>