للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان بعض المسلمين قد دخل في جوار بعض المشركين، من أشراف قريش ورؤسائهم، وكانوا يمنعونهم ويحمونهم.

وكان عثمان بن مظعون قد دخل في جوار الوليد بن المغيرة، ثمّ أبت غيرته ذلك، فردّ عليه جواره، وكان وفيا كريم الجوار، وقال: قد أحببت ألا أستجير بغير الله، ودار بينه وبين أحد المشركين حديث أغضب المشرك، فقام إليه ولطم عينه، فخضرها والوليد بن المغيرة قريب يرى ذلك، فقال: أما والله يا بن أخي! إن كانت عينك عمّا أصابها لغنية، لقد كنت في ذمّة منيعة، قال عثمان: بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله، وإنّي لفي جوار من هو أعزّ منك وأقدر، يا أبا عبد شمس «١» .

ولمّا أسلم عثمان بن عفانّ- رضي الله عنه- أخذه عمّه الحكم بن أبي العاص بن أميّة، فأوثقه رباطا وقال: أترغب عن ملّة آبائك إلى دين محدث؟

والله! لا أحلّك أبدا حتى تدع ما أنت عليه من هذا الدين، فقال عثمان: والله لا أدعه أبدا ولا أفارقه، فلمّا رأى الحكم صلابته في دينه تركه «٢» .

ويقول خبّاب بن الأرتّ: لقد رأيتني يوما أخذوني فأوقدوا لي نارا ثم سلقوني فيها، ثم وضع رجل رجله على صدري، فما اتقيت الأرض- أو قال برد الأرض- إلا بظهري، ثم كشف عن ظهره، فإذا هو قد برص «٣» .


(١) سيرة ابن هشام، ج ١؛ ص ٣٧٠- ٣٧١ [وقد أخرج هذه القصة أبو نعيم في «الحلية» (١/ ١٠٣- ١٠٤) والبيهقي في «الدلائل» (٢/ ٢٩٢) والطبراني في «المعجم الكبير» (٩/ ٢١- ٢٤) برقم (٨٣١٦) ] .
(٢) طبقات ابن سعد: ج ٣، ص ٣٧.
(٣) المصدر السابق: ج ٣، ص ١١٧.

<<  <   >  >>