ونفّذ في بني قريظة حكم سعد بن معاذ، وخلت المدينة من جميع أوكار المؤامرة والمحاربة اليهودية، وأمن المسلمون من الطّعن من الخلف، ومن نشر الفوضى في الداخل.
وقتلت الخزرج سلّام بن أبي الحقيق، وكان ممن حزب الأحزاب، وكانت الأوس قد قتلت من قبل كعب بن الأشرف، وكان مقدّما في عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم والتحريض عليه، فنجا المسلمون من الرؤوس التي كانت تكيد ضدّ الإسلام والمسلمين، وتقود الحركات ضدّهم، واستراح المسلمون «١» .
وكان ما عامل به رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة مما اقتضته سياسة الحرب وطبيعة القبائل العربية واليهودية، وكان لا بدّ من عقوبة صارمة تكون درسا للعابثين بالعهود والمحالفات، ونكالا لما بين يديها وما خلفها، يقول LR.V.C.Bodley في كتابه «حياة محمد الرسول» :
«وكان محمد وحيدا في بلاد العرب، وكانت هذه البلاد من حيث المساحة ثلث الولايات المتحدة الأمريكية، وكان عدد النفوس فيها يبلغ خمسة ملايين نفس.. ولم يكن عنده من الجيوش التي تحمل الناس على امتثال أمره إلا الجيش الذي لا يزيد على ثلاثة آلاف جنديّ، ولم يكن هذا الجيش مسلّحا تسليحا كاملا، فإذا وهن محمد في هذه القضية أو ترك جريمة غدر بني قريظة من غير أن يعاقبهم عليها، لم يكن للإسلام في جزيرة العرب بقاء، إنّه لا شكّ أنّ عملية قتل اليهود كانت عنيفة، ولكن لم يكن حادثا فريدا من نوعه في تاريخ الديانات، ولقد كان لهذا العمل مبرّر من وجهة نظر
(١) سيرة ابن هشام: ج ٢، ص ٢٧٣ [انظر خبر قتل سلام بن أبي الحقيق فيما أخرجه البخاري، في كتاب المغازي، باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق ... ، برقم (٤٠٣٨) و (٤٠٣٩) و (٤٠٤٠) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما] .