ومرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ما عندك يا ثمامة؟
قال: يا محمد! إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال، فاسأل تعط ما شئت.
فتركه، ثمّ مرّ به أخرى، وقال له مثل ذلك، فردّ عليه كما ردّ عليه أولا، ثم مرة ثالثة، فقال:«أطلقوا ثمامة» فأطلقه.
وذهب ثمامة إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم جاءه فأسلم، وقال: والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحبّ الوجوه إليّ، والله ما كان على وجه الأرض دين أبغض إليّ من دينك، فقد أصبح دينك أحبّ الأديان إليّ، وإنّ خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فبشّره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر.
فلمّا قدم ثمامة على قريش، قالوا: صبوت يا ثمامة! قال: لا والله، ولكنّي أسلمت مع محمد صلى الله عليه وسلم، لا والله ما يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتّى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت اليمامة ريف مكة.
فانصرف إلى بلاده، ومنع الحمل إلى مكة، حتّى جهدت قريش، وكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يكتب إلى ثمامة يخلّي إليهم حمل الطعام، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم «١» .
(١) زاد المعاد: ج ١، ص ٣٧٧؛ وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب «الإمداد بالملائكة يوم بدر» [برقم (١٧٦٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه] .