للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه التهمة كما ينفيها عن نفسه، ويفقد بعضهم الثقة ببعض، فإذا زالت الثقة بأهل بيت النبوّة، زالت عن الجميع، وكانت أعظم مؤامرة حاكها المنافقون وقد تجلّت هذه السياسة الماكرة في غزوة بني المصطلق أكثر ممّا تجلّت في أيّ غزوة.

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق، ولقيهم على ماء لهم، يقال له «المريسيع» «١» من ناحية قديد إلى الساحل، فتزاحف الناس واقتتلوا، وانهزم بنو المصطلق «٢» .

واقتتل أجير لعمر بن الخطاب من بني غفار، وحليف للخزرج من جهينة، فصرخ الجهنيّ: «يا معشر الأنصار!» وصرخ الأجير: «يا معشر المهاجرين!» فغضب عبد الله بن أبيّ ابن سلول، وعنده رهط من قومه فيهم، فقال: أو قد فعلوها؟ قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ليس الأمر إلا كما قيل: «سمّن كلبك يأكلك» أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، ثمّ أقبل على من حضره من قومه، فقال لهم: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم، لتحوّلوا إلى غير داركم» «٣» .


(١) ومن هنا سمّيت هذه الغزوة بغزوة المريسيع أيضا، كما في طبقات ابن سعد وغيرها.
(٢) كانت لغزوة بني المصطلق في المريسيع أهمية سياسية واستراتيجية واقتصادية كبيرة، وهي الطريق الرئيسي للتجارة المكية، وكانت طريقا فرعيا من مكة إلى المدينة كان يمرّ بها، إلى غير ذلك من الخصائص (مستفاد من بحث الدكتور حسين مؤنس المقدم إلى مؤتمر السيرة والسنة النبوية المنعقد في الدوحة في شهر محرم عام ١٤٠٠ هـ) .
(٣) [أخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، برقم (٢٧٧٢) ، والترمذي في أبواب تفسير القرآن، تفسير سورة المنافقين، برقم (٣٣١٢) ، وأحمد في المسند (٤/ ٣٦٩ ٣٧٣) . من حديث زيد بن أرقم رضي لله عنه] .

<<  <   >  >>