للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦٠٢ م الذي كان صاحب الفضل على كسرى أبرويز، وانتهز الفرس هذه الفرصة للزحف على الدولة البيزنطية فدوّخوها واحتلّوها وأهانوها واحتضرت الدولة البيزنطيّة الشهيرة تلفظ آخر أنفاسها «١» ، فدعي هرقل من قرطاجنة فقتل فوقاس، وتسلّم زمام الحكم والقيادة في سنة ٦١٠ م «٢» ، والمملكة في صراع الموت والحياة، وفي براثن المجاعة، والأمراض الوبائية، والفقر، والعجز الماليّ.

وبقي هرقل في سنواته الأولى لا يبعث أملا ولا يحرّك ساكنا، ولكن حدث فيه انقلاب في سنة ٦١٦ م (وهي السنة التي نبّأ القرآن فيها بغلبة الروم في بضع سنين) «٣» ، فتحوّل من ملك متخاذل راكن إلى الدعة والترف، إلى قائد متحمّس غيور، قد ملكته الفكرة وثارت فيه الحميّة، وتوجّه إلى مركز الإمبراطورية الإيرانية، يستعيد بلاده وكرامة أمّته، ويفتح مدن إيران الشهيرة، ويستولي على مراكزها الكبيرة، حتّى أوغل في قلب إيران، وأهان الإمبراطورية الإيرانية العظيمة القديمة، وأثخنها قتلا وجراحا، حتّى أو شكت الإمبراطورية السّاسانية على النهاية، وتزلزلت قوائم عرش آل ساسان، ورجع القائد المنتصر، فدخل القسطنطينية دخول الفاتح العظيم سنة ٦٢٥ م «٤» ، وتوجّه إلى بيت المقدس في سنة ٦٢٩ م، ليعيد إليه الصليب


(١) اقرأ القصة مفصّلة في كتاب «انحطاط دولة روما وسقوطها» لمؤلّفه «جبون» ، وكتاب «إيران في عهد الساسانيين» لمؤلفه «آرتهر كرستن سين» .
(٢) وبعد مضي عام على هذا الحادث كانت البعثة المحمدية في الجزيرة العربية.
(٣) واقرأ مقال «إحدى نبوءات القرآن العظيمة ونبوءة غلبة الروم» في كتاب المؤلف «المدخل إلى الدراسات القرآنية» طبعة دار ابن كثير بدمشق، وطبعة المجمع الإسلامي العلمي ندوة العلماء لكهنؤ (الهند) .
(٤) وفي سنة ٦٢٦ م كانت واقعة بدر الكبرى التي التقى فيها انتصار المسلمين على مشركي مكة بانتصار الروم أهل الكتاب على منافسيهم الفرس عباد النار، وتحققت نبوءة القرآن عن غلبة-

<<  <   >  >>