للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على استرداد ملكه، فأمدّه موريقس بجيوش جرّارة، وبعد حروب دامية انهزم بهرام، وتربّع خسرو على عرش آبائه.

وفي سنة ٦١٢ م زحف كسرى أبرويز على المملكة البيزنطيّة ليأخذ بثأر وليّ نعمته وأبيه المعنويّ موريقس، من قاتله النذل المغتصب لعرش القياصرة فوقاس) Phocas (ولم يكفه قتل فوقاس عن الاستمرار في الزحف الذي ساءت فيه نيّته، فواصله إلى القسطنطينية ووصل إلى ما لم يصل إليه سلفه من تدويخ المملكة المنافسة القديمة، وبلغ انتصاره ومجده أوجهما في سنة ٦١٥ م حتى نجح هرقل في دحر الإيرانيّين عن بلاده، والهجوم المنتصر على مركز المملكة السّاسانية، حتى اضطرّ كسرى أبرويز إلى أن يغادر عاصمته، والالتجاء إلى مكان حريز «١» ، ولكنّه ما لبث أن قتل في ثورة في سنة ٦٢٨ م.

اتفقت كلمة مؤرّخي إيران على أنّ خسرو الثاني كان أعظم ملوك إيران أبهة وعظمة، فقد بلغت الدولة السّاسانية في عهده أوجها في الزينة والمدنية والزهوّ، ومظاهر الترف والبذخ، وقد دخل جزء من الولاية الشمالية الغربية في الهند في حكمه «٢» ، وكان يلقّب نفسه ويسمّيه كما يلي:

«في الآلهة إنسان غير فان، وفي البشر إله ليس له ثان، علت كلمته، وارتفع مجده، يطلع مع الشمس بضوئه، وينير الليالي المظلمة بنوره» «٣» .

وقد بلغت في عهده المملكة الساسانية إلى ما لم تبلغ إليه في عهد من عهودها من الأبّهة، والفخفخة، وقد وصفه المؤرخ الطّبريّ في تاريخه بقوله:


(١) [مكان حريز: أي، حصين آمن] .
(٢) إيران في عهد الساسانيين: ص ٦٠٢.
(٣) المصدر السابق: ص ٦٠٤، نقلا عن تهيو في ليكتس.

<<  <   >  >>