للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عددها ستين «١» ، ولم يكن في كلّها قتال.

وقد أريق في جميع هذه الغزوات والسّرايا التي بعثها النّبيّ صلى الله عليه وسلم أقلّ دم عرف في تاريخ الحروب والغزوات، فلم تتجاوز القتلى كلّها ١٠١٨ قتيلا من الفريقين، وكانت حاقنة لدماء لا يعلم عددها إلّا الله، عاصمة لنفوس وأعراض لا يحصيها إحصاء، باسطة الأمن في أرجاء الجزيرة حتّى استطاعت الظّعينة «٢» أن ترتحل من الحيرة «٣» حتّى تطوف بالكعبة، ولا تخاف أحدا إلّا الله «٤» ، والمرأة من القادسيّة على بعيرها حتّى تزور البيت لا تخاف «٥» بعد ما كانت الجزيرة كلّها كفّة حابل، وشبكة دقيقة من ترات وثارات، وحروب وغارات، لا تمشي فيها قوافل الحكومات الكبيرة إلا بخفارة ساهرة، وبذرقة «٦» ماهرة.

وكانت هذه الحروب مؤسّسة على الأصلين القرآنيين الحكيمين:

وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ [البقرة: ١٩١] ، ووَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي


- أنّ عددها يبلغ ثمانيا وعشرين (٢٨) غزوة (بحث تاريخ جيش النّبي صلى الله عليه وسلم) .
(١) كما حقّقها مؤلف السيرة الشهيرة القاضي محمد سليمان المنصور فوري في الجزء الثاني من كتابه: «رحمة للعالمين» ، وهو مبنيّ على استقراء دقيق [انظر هذا التحقيق النفيس في ترجمته العربية بعنوان «نظرة تحليلية على هذه الغزوات والسرايا» ، في صفحة (٤٥٧- ٤٧٠) ] .
(٢) [الظّعينة: هي الراحلة التي يرحل ويظعن عليها، أي يسار، وقيل للمرأة ظعينة، لأنها تظعن مع الزّوج حيثما ظعن، أو لأنّها تحمل على الرّاحلة إذا ظعنت، وقيل: الظعينة: المرأة في الهودج، ثم قيل للهودج بلا امرأت وللمرأة بلا هودج: ظعينة (النهاية: ٣/ ١٥٧) ] .
(٣) [الحيرة: بلد بالعراق خربت (مقدمة فتح الباري: ١/ ١٠٩) ] .
(٤) أخرجه البخاري، [في كتاب المناقب] باب «علامات النبوة» برقم (٣٥٩٥) من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه] .
(٥) سيرة ابن هشام: ج ٢، ص ٥٨١.
(٦) البذرقة- بالذال المعجمة والمهملة-: الخفارة (القاموس) .

<<  <   >  >>