للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الألفاظ، وقدرة بيانية لا تفي بالغرض، فإنّ تلاميذ مدرسته الإيمانيّة الربانيّة، وتلاميذ تلاميذهم من العرب والعجم، في مشارق الأرض ومغاربها، نظروا إلى الدينار والدرهم كالخزف والحصى والرمل والتراب، وروي عنهم من الزهادة في الدّنيا، والاستهانة بزخارف الحياة، والغرام بإنفاق المال على غيرهم، وإيثارهم عليهم، والقناعة بالكفاف وأقلّ من الكفاف، ما يحيّر الألباب «١» ، فكيف بالرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم الذي كان قدوتهم في كلّ خير وفضل، وإمامهم ومعلّمهم.

ولكنّنا نترك ما رواه الصحابة- رضي الله عنهم- في هذا الباب، وما جرى على لسانهم من الأقوال ينطق بذلك، فلا كلام أبلغ من الحوادث والأخبار، ولا أنطق منها.

كان قوله المأثور المشهور، وبه كان عمله، وعليه تدور حياته صلى الله عليه وسلم:

«اللهمّ إنّ الأجر أجر الآخرة» «٢» .

وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «ما لي وللدنيا، وما أنا والدنيا إلّا كراكب استظلّ تحت شجرة، ثمّ راح وتركها» «٣» .

ورآه عمر مضطجعا على حصير، قد أثّر في جنبه، فهملت عينا عمر،


(١) وليراجع في ذلك الكتب التي ألفت في هذا الموضوع، ككتاب الزهد لعبد الله بن المبارك، وكتاب الزهد للبيهقي، و «صفة الصفوة» لابن الجوزي، و «حلية الأولياء» لأبي نعيم.
(٢) [أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار، باب: مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة، برقم (٣٩٣٢) ، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (٥٢٤) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في بناء المساجد، برقم (٤٥٣) وغيرهم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه] .
(٣) رواه أبو داود الطيالسي في مسنده [وأخرجه الترمذي في أبواب الزهد، باب حديث «ما الدنيا إلا كراكب استظلّ» برقم (٤١٠٩) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما] .

<<  <   >  >>