للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم عريان، يجرّ ثوبه، فاعتنقه وقبّله «١» .

وعن أسامة بن زيد- رضي الله عنه- أنّ ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إليه أنّ ابني قد احتضر، فاشهدنا، فأرسل يقرأ السّلام، ويقول: «إنّ لله ما أخذ وما أعطى، وكلّ شيء عنده بأجل مسمّى، فلتصبر ولتحتسب، فأرسلت إليه تقسم عليه، فقام وقمنا معه، فلمّا قعد رفع إليه، فأقعده في حجره، ونفس الصبيّ تقعقع «٢» ، ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سعد: ما هذا يا رسول الله؟! قال: «هذه رحمة يضعها الله في قلوب من يشاء من عباده، وإنّما يرحم الله من عباده الرّحماء» «٣» .

ولمّا شدّ وثاق العباس في أسرى بدر، فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم يئنّ لم يأخذه النوم، فبلغ الأنصار، فأطلقه الأنصار، ولم تحمله تلك الشفقة على التمييز بينه وبين سائر أسرى بدر، فلمّا فهم الأنصار رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم بفكّ وثاقه، سألوه أن يتركوا له الفداء طلبا لتمام رضاه، فلم يجبهم إلى ذلك «٤» .

وجاء أعرابيّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أتقبّلون الصّبيان؟ فما نقبّلهم؟

فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «أو أملك لك إذا نزع الله الرحمة من قلبك؟» «٥» .


(١) أخرجه الترمذي في أبواب الاستئذان، باب ما جاء في المعانقة، [برقم (٢٧٣٢) ] .
(٢) [أي تضطرب وتتحرّك. أراد: كلّما صار إلى حال لم يلبث أن ينتقل إلى أخرى تقرّبه من الموت] .
(٣) أخرجه البخاري في كتاب المرض، باب عيادة الصبيان، برقم (٥٦٥٥) ، وفي كتاب الجنائز، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يعذّب الميّت ببعض بكاء أهله» ، [برقم (١٢٨٤) ، وأحمد في المسند (٦/ ٢٤٥) ] .
(٤) فتح الباري: ج ٨، ص ٣٢٤ (الطبعة المصرية) [وأخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب شهود الملائكة بدرا، برقم (٤٠١٨) من حديث أنس رضي الله عنه] .
(٥) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب: رحمة الوالد، [برقم (٥٩٩٨) ، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال..، برقم (٢٣١٧) ، وابن ماجه في-

<<  <   >  >>