للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحرب، وكان في قريش من ينهض لذلك من الأبطال والفرسان، فلم يزد أن قال: «قم يا حمزة! قم يا عليّ! قم يا عبيدة!» وهم من أقرب الناس إليه رحما ودما، وأحبّهم إليه، ولم يؤثر أحدا عليهم، ضنّا بحياتهم وإبقاء عليهم، وكان من صنع الله تعالى أن كتب لهم الغلبة والانتصار على منافسيهم، ورجع حمزة وعليّ سالمين مظفّرين، وحمل عبيدة جريحا «١» .

ولمّا أراد أن يحرّم الرّبا، ويهدر دم الجاهلية القديمة، بدأ بعمّه العبّاس بن عبد المطلب، وابن أخ له من بني هاشم، ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. فقال في خطبته في حجّة الوداع: «وربا الجاهلية موضوع، وأوّل ربا أضع من ربانا: ربا العباس بن عبد المطلب، ودماء الجاهلية موضوعة، وإنّ أول دم أضع من دمائنا دم ربيعة بن الحارث» «٢» .

أمّا في الرّخاء وعند المغانم، فكان دائما يؤخّرهم، ويؤثر عليهم غيرهم خلافا للملوك والقادة والزعماء- يقول عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه-: إنّ فاطمة- عليها السلام- اشتكت ما تلقى من الرّحى ممّا تطحن، فبلغها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بسبي، فأتته تسأله خادما، فلم توافقه، فذكرت لعائشة، فجاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم فذكرت عائشة له، فأتانا، وقد دخلنا مضاجعنا، فذهبنا لنقوم، فقال: «على مكانكما» ، حتّى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: «ألا أدلّكما على خير ممّا سألتماني، إذا أخذتما مضاجعكما فكبّرا الله أربعا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وسبّحا ثلاثا وثلاثين، فإنّ ذلك خير لكما ممّا سألتماه» «٣» .


(١) [انظر تخريجه في غزوة بدر في الفصل الخامس، ص ٣٠٩] .
(٢) [خرّجنا هذا الحديث عن جابر عبد الله رضي الله عنهما في الفصل الخامس في حجة النبي صلى الله عليه وسلم، انظر صفحة (٥٢١) ] .
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد، باب «الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم» -

<<  <   >  >>