للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يمنعه الحياء عن أن يواجه أحدا بما يكرهه، فيكل ذلك إلى غيره.

روى أنس- رضي الله عنه- أنّه كان عنده صلى الله عليه وسلم رجل له أثر صفرة «١» ، فكان صلى الله عليه وسلم لا يكاد يواجه! أحدا بشيء يكرهه، فلمّا قام، قال للقوم: «لو قلتم له: يدع هذه الصّفرة» «٢» .

وعن عائشة- رضي الله عنها- قالت: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن أحد ما يكرهه، لم يقل ما بال فلان يقول كذلك، ولكن يقول: «ما بال أقوام يصنعون أو يقولون كذا» ينهى عنه، ولا يسمّي فاعله «٣» .

أمّا الشّجاعة، فناهيك بشهادة عليّ فارس الفرسان، وفتى الفتيان، قال رضي الله عنه-: إنّا كنّا إذا اشتدّ البأس، واحمرّت الحدق، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب إلى العدوّ منه، ولقد رأيتني يوم بدر، ونحن نلوذ بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدوّ «٤» .

يقول أنس- رضي الله عنه-: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قبل الصّوت، فاستقبلهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم قد سبق الناس إلى الصوت، وهو يقول: «لن تراعوا لن تراعوا» ، وهو على فرس لأبي طلحة عري، ما عليه سرج، وفي


(١) [الصفرة: بقية صفرة من الزعفران] .
(٢) أخرجه الترمذي في الشمائل، باب «خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم» [برقم (٣٣٩) ، وأبو داود في كتاب الترجل، باب في الخلوق للرجال، برقم (٤١٨٢) ، والنّسائي في «عمل اليوم والليلة» برقم (٢٣٦) ] .
(٣) [أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم يواجه الناس بالعتاب، برقم (٦١٠١) ، ومسلم في كتاب الفضائل، باب علمه بالله تعالى وشدّة خشيته، برقم (٢٣٥٦) ] .
(٤) كتاب الشفاء: (ج ١/ ص ٢٣٧) ، وأخرجه أحمد في المسند (١/ ٨٦) ] .

<<  <   >  >>