ولا يكون صاحب الفضل الأكبر في هذا المجال، ولا يعتبر أكبر منقذ للإنسانيّة، وصاحب المنّة عليها، والإحسان إليها، إلّا من يجدّف هذه السفينة، التي تلعب بها العواصف الهوجاء والأمواج الهائلة كالجبال، والتي غاصت بركّابها، وغاب الملّاح والرّبّان، ثمّ يوصلها بسلامة إلى ساحل النجاة؟!!
إنّ النوع البشريّ شاكر لهؤلاء الذين منحوه هدية العلم، ويشكر هؤلاء الذين جمعوا له هذه الأكداس من المعلومات، ويشكر الذين هيّؤوا له كلّ هذه التسهيلات، وزوّدوه بوسائل الراحة والرخاء، وذلّلوا صعاب الحياة، واقتحموا عقباتها وشعابها، إنّه لا يبخس حقّ أحد من هؤلاء، ولا ينكر فضلهم عليه، ولكنّ قضيّته الكبرى، ومشكلته الأولى هي أنّه كيف ينفذ نفسه من أعدائه الذين وقفوا له بالمرصاد، وأحاطوا به من كلّ جانب، وكيف يصل بسفينته إلى برّ السلامة والأمان؟!.
فما هي أمواج هذا البحر، وما هي تماسيحه الضّارية الشّرسة؟
إنّها الجهل عن خالق هذا الكون وربّ العالمين، وعن صفاته العليا، وأسمائه الحسنى، والوقوع في حبائل الشرك والوثنيّة، وعبادة الأصنام، والاسترسال مع الخرافات والأوهام، إنّها بلادة حسّ الإنسانيّة، وذهولها عن نفسها، وغفلتها عن خالقها وبارئها.
إنّها عبادة المادّة والمعدة، وتعدّي الحدود، وانتهاك الحرمات، وسورة النفس الأمارة بالسوء، والتهرّب من أداء الواجبات والحقوق، والإصرار على المنافع والحظوظ.
إنّ أكبر خطر على الإنسانيّة أن يحدث في بنائها خلل، وتحيد لبنتها الأساسيّة عن مكانها الصحيح، فينسى الإنسان قيمته ومداركه، وغاية