للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت تقدّم لها القرابين من دم الإنسان ولحمه من غير وخز ضمير وتأنيب قلب، وقد رأينا بعض نماذجها وصورها البشعة في بلاد متقدّمة راقية، كالهند في القرن العشرين.

فأعاد سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى الإنسانيّة كرامتها وشرفها، وردّ إليها اعتبارها وقيمتها، وأعلن أنّ الإنسان أعزّ وجود في هذا الكون، وأغلى جوهر في هذا العالم، وليس هنا شيء أشرف وأكرم، وأجدر بالحبّ، وأحقّ بالحفاظ عليه من هذا الإنسان، إنّه رفع مكانته حتى صار الإنسان خليفة الله ونائبه، خلق له العالم، وهو خلق لله وحده، هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً [البقرة: ٢٩] ، وأنّه أشرف خلق الله، وفي مكان الرئاسة والصدارة:

* وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا [الإسراء: ٧٠] .

وليس أدلّ على كرامته والاعتراف بعظمته من قوله: «الخلق عيال الله، فأحبّ النّاس إلى الله من أحسن إلى عياله» «١» .

وليس هنا أبلغ في الدلالة على سموّ الإنسانيّة، والتقرّب إلى الله بخدمتها، والعطف عليها، من الحديث الذي رواه أبو هريرة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:

«إنّ الله عزّ وجلّ يقول يوم القيامة: يابن آدم، مرضت فلم تعدني!.

قال: يا ربّ كيف أعودك وأنت ربّ العالمين؟


(١) [أخرجه الطبراني في الأوسط (٥/ ٣٥٦) برقم (٥٥٤١) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه] .

<<  <   >  >>