للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في تاريخ الأديان، والأخلاق، والتربية والإصلاح، من هذا المثال؟!

اقرأ معي الآيات التالية:

لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١١٧) وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [التوبة: ١١٧- ١١٨] .

ثمّ أعلن أيضا كمبدأ عامّ أنّ رحمة الله تسع كلّ شيء، وتسبق غضبه وجلاله، يقول القرآن: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [الأعراف: ١٥٦] .

وجاء في حديث قدسيّ: «إنّ رحمتي سبقت غضبي» «١» إنّه جعل اليأس مرادفا للكفر والجهل والضلال، وبين ذلك على لسان يعقوب عليه السلام:

إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ [يوسف: ٨٧] ، وذكر في موضع آخر قول إبراهيم- عليه السلام- فقال: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ [الحجر: ٥٦] .

وهكذا أسعف النّبيّ صلى الله عليه وسلم بهذه الدعوة المفتوحة العامّة إلى التوبة وبيان فضائلها، وسعتها وشمولها الإنسانيّة المذعورة الخائفة التي كانت تئنّ تحت وطأة اليأس، والقنوط، وترتعد فرائصها بإنذارات العقاب والعذاب، ومظاهر الغضب والجلال «٢» ، ومنحها فرصة جديدة جميلة من الحياة، ونفخ


(١) [أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب «وكان عرشه على الماء..» برقم (٧٤٢٢) ، والنسائي في السنن الكبرى (٤/ ٤١٧- ٤١٨) برقم (٧٧٥١- ٧٧٥٧) وأبو يعلى في المسند (١١/ ٣١٦) برقم (٦٤٣٢) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه] .
(٢) وقد كان في ذلك لعلماء اليهود، وشرّاح الكتب المقدّسة، ورهبان المسيحية الغلاة-

<<  <   >  >>