للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«الإنسان الأول» وكان لا يسمّى باسمه عند الخطاب، وكان يعتبر من نسل الآلهة «١» .

وكانت موارد البلاد كلّها ملكا لهؤلاء الملوك، وقد تطرّفوا في اكتناز الأموال، وادّخار الطرف، والأشياء الغالية، والتأنّق في المعيشة، والتمتّع بالحياة، وقد وصل الولوع بالتلذّذ، وترفيه الحياة، والمسابقة في مظاهر الغنى والعظمة، إلى حدّ الخيال والشعر لا يتصوّره إلّا من توسّع في دراسة تاريخ إيران القديمة، وشعرها وأدبها «٢» ، واطّلع على تفاصيل مدينة «طيسيفون» وإيوان كسرى، وبهار كسرى «٣» ، (بساط الربيع) ، وتاج كسرى، وما كان يختصّ بملوكهم من خدم وحشم، وزوجات وجوار، وغلمان وطهاة، ومربّين للطيور والسّباع، وأوان وقنص، التفاصيل الأسطورية التي يدهش لها الإنسان «٤» ، وقد بلغ ذلك إلى حدّ أن يزدجرد آخر ملوك إيران لمّا خرج من عاصمته- المدائن- هاربا ينجو بنفسه في الفتح الإسلاميّ العربيّ أخذ معه- وهو في حالة الفرار- ألف طاه، وألف مغنّ، وألف قيّم للنّمور، وألف قيّم للبزاة، وحاشية أخرى، وكان يستقلّ هذا العدد، ويعتبر نفسه لاجئا حقيرا، ويتصوّر أنّه في حالة يرثى لها من قلّة الحاشية، وفقدان أسباب الترفيه والتسلية «٥» .

هذا بجانب ما كان يعانيه الشعب من بؤس وشقاء، وتعب وعناء، وتذمّر وبكاء، فكان أفراد هذا الشعب في جهد من العيش للحصول على ما يسدّ


(١) إيران في عهد الساسانيين: ص ٣٣٩.
(٢) اقرأ على سبيل المثال «إيران في عهد الساسانيين» ص ١٦١- ١٦٢.
(٣) راجع تاريخ الطبري: ج ٤؛ ص ١٧٨.
(٤) راجع «تاريخ إيران» شاهين مكاريوس، طبع ١٨٩٨ م، ص ٩٠.
(٥) راجع للتفصيل «إيران في عهد الساسانيين» ص ٦٨١.

<<  <   >  >>