للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد رسخ الرّبا فيهم، وجرى منهم مجرى الأمور الطبيعية التي صاروا لا يفرّقون بينه وبين التّجارة الطبيعية، وقالوا: إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا [البقرة: ٢٧٥] .

وقال الطّبري: «إنّ الذين كانوا يأكلون الرّبا من أهل الجاهلية، كان إذا حلّ مال أحدهم على غريمه، يقول الغريم لغريم الحقّ: زدني في الأجل وأزيدك في مالك، فكان يقال لهما إذا فعلا ذلك: هذا ربا لا يحلّ، فإذا قيل لهما ذلك، قالا: سواء علينا زدنا في أوّل البيع أو عند محلّ المال» «١» .

ولم يكن الزّنى نادرا، وكان غير مستنكر استنكارا شديدا، فكان من العادات أن يتّخذ الرجل خليلات، وتتّخذ النساء أخلّاء بدون عقد، وقد كانوا يكرهون بعض النساء على الزّنى.

قال ابن عبّاس: كانوا في الجاهلية يكرهون إماءهم على الزّنى يأخذون أجورهم «٢» .

وكانت المرأة في المجتمع الجاهلي عرضة غبن وحيف، تؤكل حقوقها، وتبتزّ أموالها، وتحرم إرثها، وتعضل بعد الطّلاق، أو وفاة الزّوج من أن تنكح زوجا ترضاه «٣» ، وتورث كما يورث المتاع أو الدّابة «٤» .

وقد بلغت كراهة البنات إلى حدّ الوأد، ذكر الهيثم بن عديّ- على ما حكاه عنه الميدانيّ- أنّ الوأد كان مستعملا في قبائل العرب قاطبة، فكان


(١) تفسير الطبري: ٤/ ٦٩.
(٢) المصدر السابق: ١٨/ ٤٠١.
(٣) قال تعالى: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: ٢٣٢] .
(٤) قال تعالى: لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء: ١٩] .

<<  <   >  >>