للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكيف تكون لنفسه ولطائفته الذين ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أنهم أهل الضلال؟

(الرابع) : أن يقال: أما كون ((الحلاج)) عند الموت فيما بينه وبين الله تعالى أو لم يتب فهذا غيب يعلمه الله سبحانه وتعالى منه.

وأما كونه كان يتكلم بهذا عند الاصطلام (١) فليس كذلك بل كان يصنف الكتب ويقوله وهو حاضر يقظان وقد تقدم أن غيبة العقل تكون عذراً في رفع القلم، وكذلك الشبهة التي ترفع معها قيام الحجة قد تكون عذراً في الباطن وإن لم تكن عذراً في الظاهر فهذا لو فرض لم يجز أن يقال: قتل ظلماً ولا يقال له إنه موافق له على اعتقاده ولا يشهد بما لا يعلم فكيف إذا كان الأمر بخلاف ذلك؟

وغاية المسلم المؤمن إذا عذر الحلاج أن يدعى فيه الاصطلام أو الشبهة وأما أن يوافقه على ما قتل عليه فهذا حال أهل الزندقة والإلحاد. وكذلك من لم يجوز قتل مثله فهو مارق من دين الإسلام ونحن إنما علينا أن نعرف التوحيد الذي أمرنا به ونعرف طريق الله سبحانه الذي أمرنا به وقد علمنا بكيهما: أن ما قاله الحلاج باطل وأنه يجب قتل مثله وأما نفس الشخص المعين هل كان في الباطن له أمر يغفر الله تعالى له من توبة أو غيرها فهذا أمر إلى الله تعالى ولا حاجة لأحد إلى العلم بحقيقة ذلك والله تعالى أعلم - انتهى.


(١) تقطيع الأعضاء فربما يقصد هنا الألم وما يسببه من غيبوبة.

<<  <   >  >>