منه، ولا سيما معتقد الجهة، فإن اعتقاده موجود ليس بمتحرك ولا ساكن ولا مغفل من العالم، ولا متصل به ولا داخل فيه ولا خارج عنه. لا يهتدى إليه أحد بأصل الخلقة في العادة، ولا يهتدى إليه إلا بعد الوقوف على أدلة صعبة المدرك، عسرة الفهم، فلأجل هذه المشقة عفا الله تعالى عنها في حق العامة، ولذلك كان - صلى الله عليه وسلم - لا يلزم أحداً ممن أسلم بالبحث عن ذلك، بل كان يقرهم على ما يعلم أنه لا انفكاك لهم عنه.
وقد رجع الأشعرى عند موته عن تكفير أهل القبلة، لأن الجهل بالصفات ليس جهلاً بالمواصفات.
[[لازم المذهب ليس بمذهب]]
فإن قيل: يلزم من الاختلاف في كونه سبحانه في جهة أن يكون حادثاً. قلنا: لازم المذهب ليس بمذهب، لأن المجسمة جازمون بأنه في جهة، وجازمون بأنه قديم أزلى ليس بمحدث، فلا يجوز أن ينسب إلى مذهب من يصرح بخلافة، وإن كان لازماً من قوله. والعجب أن الأشعرية أختلفوا في كثير من الصفات كالقدم والبقاء، والوجه واليدين. وفي الأحوال كالعالمية والقادرية. وفي تعدد الكلام وإيجاده، ومع ذلك لا يكفر بعضهم بعضاً. واختلفوا في تكفير نفاة الصفات. أهـ.
وقال العلامة ابن القيم من كلام طويل في كتاب (الروح) ما نصه: وأما السلام على أهل القبور وخطابهم، فلا يدل على أن أرواحهم ليست في الجنة، وأنها على أفنية القبور فهذا سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام الذى روحه في أعلى عليين مع الرفيق الأعلى يسلم عند قبره ويرد سلام الملمين عليه.
وقد وافق ابن عمر رحمه الله تعالى على أن أرواح الشهداء في الجنة، ويسلم عليهم عند قبورهم، كما يسلم على غيرهم، كما علمنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نسلم عليهم. وكما كان الصحابة يسلمون على شهداء أحد،