وقد اتفق المسلمون على أنه ليس لأحد أن يعبد الله تعالى بما سنح له وأحبه، بل لا يعبده إلا بما كان عبادة لله عند الله تعالى، وهو العبادات الشرعية، فكل ما لم تثبت الأدلة الشرعية له عبادة لم يحكم بأنه عبادة.
ودين الإسلام مبنى على اصلين: أحدهما: ألا نعبد إلا الله، والثاني: أن نعبده بما شرع ولا نعبده بالبدع، كما قال الفضيلي بن عياض في قوله تعالى:{ليبلونكم أيكم أحسن عملا} قال: أخلصه وأصوبه.
قالوا: يا ابا على: ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل. وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل، فالخالص أن يكون لله، الصواب أن يكون على السنة.
وبالجملة فقول القائل: يستغاث بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. والصالح في كل ما يستغاث الله عز وجل فيه على معنى أنه وسيلة من وسائل الله تعالى، كلام مجمل متشابه. وهؤلاء الجهلة يطلقون مثل هذا الكلام، ولا يميزون بين معانيه من اللغة، ولا بين ما شرع من ذلك، وما لا يشرع، ولكن الأقسام الواقعة في مثل هذا إذا اسغاثت به على نعنى التوسل به والاستغاثة بطلب تفريج الكربة، فإما أن يسأله نفس تفريج الكربة، وإما أن يسأل الله تعالى تفريج الكربة.، وإما أن يستشفع به فيسأل الله تعالى شفاعته، ويسأله أن يسأل الله سبحانه. وإما أن يسال الله تعالى به، ولا يسأله شيئاً.
وأما أن يسأله فعل الله عز وجل مثل ما كانت الأمم تسأل الأنبياء الآيات وهو في الحقيقة سؤال لهم أن يسألوا الله تعالى. أو سؤال له تعالى أن يفعل لأجلهم، أو مركباً من الأمرين.
فالسائل المستغيث بشئ على معنى التوسل به لابد أن يكون من أحد