ووقفت على فتياً للفقيه أبي محمد عبد السلام. أفتى بأنه لا يجوز التوسل بغير النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما بالنبي عليه الصلاة والسلام فجوز التوسل به إن صح الحديث في ذلك.
وذكر القدورى في شرح الكرخي عن أبي حنيفة وأبي يوسف: أنه لا يجوز أن يسأل الله تعالى. وفي بعض مناسك الحج المنقولة عن الإمام أحمد: أنه يتوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد يخرج على إحدى الروايتين عنه في جواز الحلف به.
وبالجملة لو تكليم في مسألة التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره في الدعاء لكان كلامه فيها من جنس كلام العلماء، فإنها تحتاج إلى أدلة شرعية من جانب النفي والإثبات لعدم ظهور الحكم فيها.
وأما الاستغاثة بالمخلوق بأن يطلب منه كل ما يطلب من الخالق، أو بأن يطلب من الغائب أو الميت ما يطلب من الحي الحاضر - فهذا ليس مما يخفى على عموم المؤمنين فضلاً عن علمائهم، وإن وقع في كثير من ذلك من وقع من العامة ونحوهم ممن فيه زهد وصلاح دين.
فهؤلاء وامثالهم حقهم أن يرجعوا إلى العلم الموروث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويكون علمهم، عبادتهم مقيداً بالشريعة النبوية والعلم الموروث، لا يعبدونه سبحانه بما يخطر لهم من الأهواء والآراء.
قال عمر بن عبد العزيز: من عبد الله تعالى بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح.
قال ابن مسعود وأبي كعب: اقتصاد في سنة: خير من اجتهاد في بدعة، وقد قال تعالى:{أم لهم شركاء، وشرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} ، وفي الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:((من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)) .