الناس في ذلك وتصرفوا بالتعبير عنه بعبارات متقاربة في المعنى، كقوله: في صحيفته - صلى الله عليه وسلم -، أو نقدمها إلى حضرته، أو زيادة في شرفه. وقد يقترن بذلك هيئات تخل في الأدب مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وما الحاجة إلى ارتكاب ذلك، مع أن جميع حسنات الأمة جارية في صحيفته. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) فالذى يتعين ترك ذلك كله، والاشتغال بما لا ريب فيه، كسؤال الوسيلة له - صلى الله عليه وسلم -، والصلاة عليه غير ذلك من أعمال البر المأثورة في الشرع، فإنها بحمد الله كثيرة، وفيها ما يغنى عن الابتداع في الدين، والأمور المختلف فيها، واله تعالى أعلم بالصواب. أهـ.
فتبين أن المسألة خلافية بين المتأخرين، وأن ابن تيمية لم ينفرد بهذا القول، ولكل وجهه فاختر لنفسك ما يحلو.
[[هل للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره]]
بقى أنه هل للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره أم لا؟ فاهل السنة على الأول، المعتزلة على الثاني. لكن استثنى مالك والشافعي العبادات البدنية المحضة كالصلاة والتلاوة فلا يصل ثوابها إلى الميت عندهما بخلاف غيرهما، وهو المشهور عن الشافعي. والذى حرره المتأخرون من الشافعية وصول القراءة للميت إذا كانت بحضرته أو دعى له عقبها ولو غائباً، لأن محل القراءة تنزل الرحمة والبركة، والدعاء أرجى للقبول. ومقتضاه ان المراد انتفاع الميت بالقراءة لا حصول ثوابها له.
وأما عندنا: فالواصل إليه نفس الثواب. وهذا إذا لم تكن القراءة بالأجرة. وأما إذا كانت بالأجرة فلا تجوز على قول الجمهور المفتى به. والله تعالى أعلم. وتفصيل البحث في الكتب الفقهية في الإجازة والجنائز، ولا سيما الحاشية المذكورة، وفتح القدير. فإن أردته فارجع إليهما.