قلت وقول علماؤنا: له أن يجعل ثواب عمله لغيره يدخل فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه أحق بذلك حيث أنقذنا من الضلالة، ففي ذلك نوع شكر وإسداء جميل له، والكامل قابل لزيادة الكمال. وما استدل به بعض المانعين من أنه تحصيل المحاصل، لأن جميع أعمال أمته في ميزانه. يجاب عنه: بأنه لا مانع من ذلك، فإن الله تعالى أخبرنا بأنه صلى عليه، ثم أمرنا بالصلاة عليه بأن نقول: اللهم صلًّ على محمد. والله تعالى أعلم.
وكذا أختلف في إطلاق قول: أجعل ذلك زيادة في شرفه - صلى الله عليه وسلم -، فمنع منه شيخ الإسلام البلقيني والحافظ ابن حجر، لأنه لم يرد له دليل وأجاب عنه ابن حجر المسكى الحديثية بقوله تعالى:{قل رب زدنى علماً} وغيره. أهـ المراد منه.
وفي كتاب الروح للحافظ ابن القيم بعد أن أيد وصول ثواب قراءة القرآن للأموات بادلة كثيرة قال ما نصه: فإن قيل فما تقولون في الإهداء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قيل: من الفقهاء المتأخرين من استحبه، ومنهم من لم يستحبه ورآه بدعة، لأن الصحابة لم يكونوا يفعلونه، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - له أجر كل من عمل خيراً من أمته من غير أن ينقص من أجر العامل شئ، لأنه هو الذى دل امته على كل خير، وأرشدهم ودعاهم إليه. ومن دعا إلى هدى فله من الأجر مثل أجور من أتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شئ. وكل هدى وعلم فغنما ناله أمته على يده، فله - صلى الله عليه وسلم - مثل أجر من أتبعه، أهداه إليه أو لم يهده. والله تعالى أعلم. أهـ.
وقد سئل عن ذلك العلامة نجم الدين ابن قاضى عجلون فأجاب بقوله: وقع الخلاف بين جمع من العلماء المتأخرين في إهداء الثواب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فمنهم من منعه لأنه لا يتجزأ على الجناب الرفيع إلا بما أذن فيه ولم يؤذن إلا بالصلاة عليه وسؤال الوسيلة له. ومنهم من جوزه. وقد توسع