وقد ثبت في الصحيحين أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:((إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه، ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكاً، وليبصق عن يساره أو تحت رجله)) وفي رواية ((إنه أذن أن يبصق في ثوبه)) وفي حديث أبي رزين المشهور لما أخبر - صلى الله عليه وسلم - ((أنه ما من أحد إلا سيخلو به ربه)) فقال له أبو رزين: كيف يسعنا يا رسول الله وهو واحد ونحن جمع؟ فقال:((سأنبئك بمثل ذلك في آلاء الله تعالى، هذا القمر آية من آيات الله تعالى كلكم يراه مخلياً به فالله أكبر)) وفي الصحيحين ((لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم في الصلاة أولا ترجع إليهم أبصارهم)) . واتفق العلماء أن رفع المصلى بصره إلى السماء منهي عنه.
وروى محمد بن سيرين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع بصره في الصلاة إلى السماء حتى نزل:{الذين هم في صلاتهم خاشعون} فكان بصره لا يجاوز موضع سجوده.
فهذا مما جاءت به الشريعة تكميلاً للفطرة، لأن الداعى المأمول بالذل لا يناسب حاله أن ينظر إلى ناحية من يدعوه، خلافاً للجهمية الذين لا يفرقون بين العرش وقعر البحر، وقد قال تعالى:{قد نرى تقلب وجهك في السماء}[البقرة ١٤٤] .
[[ما روى في الحجر الأسود أنه يمين الله وتأويله]]
ثم بين تأويل ((الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله تعالى وقبل يمينه)) وقال: قد ظنوا أن هذا وأمثاله محتاج إلى التأويل، وهذا وهم، لأنه لو كان هذا اللفظ ثابتاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه صريح في أن الحجر ليس هو من صفاته تعالى، وتقييده بالأرض يدل على أنه ليس هو يده على الإطلاق، فلا تكون اليد حقيقية.